لقاء الحبيب

Sunday, November 12, 2006

لقاء الحبيب
نعم كان يوماً ولكنه يساوى دهراً بأكمله , فلكم انتظرته كثيراً اعد له العدى أجهز له جيشي الثاني ، فبعد أن تم عمل الجيش الأول وقد كان:
:
اقتحام الأرض للبحث عن الحبيبة فإذا وجدها بنى لها القلعة ، وبات الجند في ذرع الأرض وحرثها ,
أما هذا الجيش فمهمته هي مناوشات اللقاء والسهر ، ونعم قد أعددته لمثل هذا اليوم ألا وهو لقاء الحبيب.
كان رائعاً حقاً فلقد أشرقت فيه الشمس على غير عادتها فكان لونها ذهباً خالصاً وكأني أستطيع النظر إليها بقوة لا اعلم
مصدرها ، أو كأن الشمس أتاحت لي النظر إليها ، و كأنها تعلم ما أود فعله في هذا اليوم .
أصبحت السماء حولها صافية ليس فيها ما يشوبها ، تهب النسمات من اليمين والشمال
وكأن عيناً من الجنة قد فتحت بابها لأهل الأرض لكي ألقى حبيبتي في يوم من اجمل ما يكون على الإطلاق.

انتظرتني حبيبتي حيث اتفقنا تأخرتُ عليها ليس بالكثير ولكنه
كان دهرا يمر عليها كما مر على أنا أيضا وأنا أصارع الدنيا والناس من حولي كي اصل إليها وسط زحام شديد ،

رايتها من بعيد رأتني هي أيضا تهلل وجها واتسعت عيناها وضحك ثغرها فلنعم الثغر ثغر محبوبتى ، أسرعتُ إليها احتضنتُ يدها بيدي يخرج من يدي شوقاً إليها لو اقتسمه أهل الأرض لكفاهم حنينا يحيط بهم ما عاشوا ، إلا أن حبيبتي قد ألمت بكل هذا الشوق في قلبها الذي يسع هذه الدنيا وليس فيه إلا أنا راضيا بذلك مسروراً .
كنت أود انتشالها من بين الناس وددت لو كان لي جناحين تركب هي على ظهري أطير بها حيث لا إنسان يفرق بيني وبينها لأعلمها قولاً و فعلاً ما فعل الشوق بي في غيبتها عنى ، إلا أن هذا لم يحدث إلا في محيط قلبي لا تطلع عليه إلا روحي فتخفق من شدة هول ما اطلبه.

أخذت أنا بحبيبتي إلى اجمل الأماكن على هذه الأرض لأخبر العالم بهذا
أنى احب الجمال على إطلاقه وبكل صوره فصرت بكل هذا اجمع بين الجمالين (حبيبتي والجنة تحت قدميها
) .
كان هذا الفصل من العام تتساقط فيه أوراق الأشجار فجلست أنا وحبيبتي على ارض خضراء يحيط بنا النخيل والأشجار تغرد من حولنا العصافير سعيدةً بنا تميل الأشجار على غناء العصافير تهب النسمات من كل طوق لتشهد هذه القلوب العامرة بالحب فصرت أنا وحبيبتي نملك الدنيا تحت أقدامنا فقد طوُعت لنا الأشجار والرياح والطيور .
جلست انظر إليها وتنظر هي إلى وكانت لا تقوى على هذا كثيراً لشدة رقتها وعذب خصالها وحبها الجارف أما أنا فكان لا يفارق بصري وجهها .
ارحل ببصري ما بين عينيها لأنظر إلى شفتيها بعدها أسافر لأنظر إلى وجنتيها كانت المسافات بين مفاتن وجهها بعيدة وكأني أطوف بالدنيا شرقاً وغرباً ، شمالاً وجنوباً.
إذا نظرت إلى عينها وكانت عين المها وجدت فيها اجمل الألوان والعبارات
،
أراها مداعبة لقلبي شغوفة بعيني واعدة إياي بطول البقاء فيطمئن قلبي ،
انتقل من عينها إلى شفتيها لأجدها مرسومة بغير صنع البشر فسبحان من خلق وصور لونها أشهى من زهر الرمان إذا انفرجت الشفاه كشفت عن صفوف اللؤلؤ المجتمع خلفها أراها تعدني بالجنة الأبدية والنعيم المقيم الذي لا ينقضي ،
انتقل بعدها لأرى وجنتيها وكأنهما وسائد من الحرير والديباج والإستبرق مجتمعة لتخرج كل واحدة فيها وكأنها وضعت لتزين قصر وجهها ، وددت لو أتحسسها بأصابعي العليلة ومنعني خجلي فهذا أول يوم ألقى فيه حبيبتي إلا أن توردهما ونبع الحياة الذي أراه في تلك الوجنات يعدني بان اصله فسرعان ما اشتعلت النيران داخلي وما انطفأت حتى لمستها بأصابعي فارتفعت في نشوة تفوق وقعي فسرعان ما رفعت أصابعي عنها حتى لا تذهب روحي اثر ما ألقاه من نعيم يفوق قدري.
بعد رحلتي الطويلة التي قد أمضيتها مسافراً في وجهها أعود أدراجي لأعلم أن لحبيبتي أيدي ليست ككل البشر ، وكنت من قبل لا اعلم أن للأيدي لغةً كما هي للألسن ، غير أن الألسن قد تخطيء القصد أما الأيدي فلا تتكلم إلا بما يجيش في الصدور .
لها من الأقوال والأفعال ما لا يخفى على البشر علمه وكأنها لغةً بسيطة يعلمها كل البشر ، رفعت يدها من الأرض لأضعها في يدي اقلب كفها انظر إليه رويداً ، رويداً ، وكأني لم أرى هذه الأيدي من قبل أحرك أصابعي فوق يدها تارة واقبض عليها تارة واحتضنها بكل ما املك من الأيادي تارة أخرى وكل فعل افعله له دلالةٌ واضحة لا يعرفها إلا صاحبة اليد الجميلة
.
نعم قبلت يدها فذابت منى كالثلج يذوب في الماء ، وضعت يدها على قلبي لتسمع ما يقوله عنها أريد بذلك أن اعلمها مدى قدرها في داخله وقد على ضجيجه حتى حطم كل الأرقام ولكن ما تزال حبيبتي هائمة بين يدي لا ترفع يدها عنى إلا أن
تفعل مثل ما افعل أنا بها .
كان الصمت يلوذ بنا فإذا خرج الكلام فلا يتعدى أن يكون بين اللغة المعهودة التي سريعاً ما تصل وسريعا ما تلقى رداً ألا وهى لغة القلوب
.
كانت تمر الساعات كالثواني فإذا بالشمس تغيب عنا ويتحول لونها إلى الحمرة خجلا منا لتخبرنا بأنها لا تستطيع الوقوف اكثر من هذا لان القمر قد غار منها و أراد أن يأنس بنا ،
فودعنا الشمس وداع القريب ثم استقبلنا القمر استقبال الفقيد فلقد افتقدناه في يومنا ، وعندها أسبل الليل ستره وغارت السماء بالنجوم تنظر إلينا وصرت أنا وحبيبتي في
انسٍ بالليل وما يحويه
.
نامت على كتفي احتضنت يدها بيدي وكان قد داعب النعاس عين حبيبتي فاستأثر النوم بها عنى وكأنه قد افتقدها وهى استأثرت بالأحلام فما استطعت إيقاظها ، كانت طفلة بين يدي احنوا عليها بقلبي فهي أمل عمري ورضاء قلبي .
وضعتُ خدي على رأسها تحسستُ شعرها بخدي شممتُ رائحته وكانت من أزكى العطور و أجملها ، وكأنها ساحرة تضع الخمر فوق رأسها ليذوب من يعشقها فلا يفيق حتى آخر عمره ،
سمعتُ دقات قلبها أسرع قلبي مهرولاً إليه ، وكأنه علم أن له حبيب من تقوده نامت فانقض عليه يسائله عما أن كان سعيداً بحبه ، وانتظر الجواب كثيراً خاف من التأخر إلا أن قلبها قد تأخر لأنه اعد قصيدة أولها عند القدم وآخرها عند الرأس يصف بها سعادته فسعد بذلك قلبي سعادة شديدة ورحت أنا اقبل جبينها فرحاً بحبها .
أفاقت حبيبتي وأنا واضع خدي على رأسها فنظرة إلى نظرة الحبيب لعاشقه ثم نامت على صدري فنالت منى قبلة أخرى على جبينها وأخرى على يدها والأخرى على خدها ،
حتى أحسست بأن فيضاً من القبلات قد خرج منى دون أن أراه فكيف تفلت منى وأنا القابض لزمامه لا اعلم ، غير أنى لم أعاقبه فلقد نال ما لم يناله غيره .
دخل الليل بظلمته وكان في منتصفه حيينها شعرت حبيبتي بالبرد وضعت يدي على كتفها وأنا جالس بجوارها وهى نائمة على صدري وضممتها إلى ضمة أخرجت منها البرد وصرتُ أنا مشتعلا بالحب حتى نظرت إلى النجوم فعلمت أن
الرحيل قد حان .
آه ، آه من لحظة الرحيل عندها يتيه المرء لا يعلم كيف يفكر هل يكون سعيداً على ما مضى من اجمل أيام عمره أم يحزن على فراق الحبيب ، وان الأمر قد انتهى ولعله لو لم يبدأ لكان أملاً أن يكون مستقبلا وما ندرى ما تفعل الأيام بنا بعد اللقاء
.
إلا أنها الدنيا وهذا هو العمر وهذه هي حالنا بين كلاهما نتخبط فيهما لا نبدأ أمراً إلا وقد كتبنا بأيدينا نهايته ولا ننهى أمراً إلا وقد كتبنا بأيدينا بداية أمر جديد ولكن الحب باقي ما دامت الحياة ولا ينتهي عصر الدم الذي هبط من السماء إلا بخروج روحي من جسدي .
فيا لعجب القدر ويا لهذه الدنيا ومهلا علينا أيها الزمن فلقد شهدت علينا فلا تتأخر في ردنا.
..................والسلام................